د.أحمد شندى يكتب: التعليم أولا
يعتبر التعليم من أهم المراحل التي يمر عليها الإنسان في حياته إن لم تكن المرحلة الأهم، فعندما يحل الجهل في المجتمع كانت نتيجته الارهاب والاجرام والفوضى والفساد والظلم وغيرها من هذه الأمور التي تدمر المجتمعات بل حتي الحضارات.
كثيرا ما نسمع مقولة أن العلم سلاح، وقد لا يعي المرء أهمية التعليم في بناء المجتمع إلا بانقباضه وانتشار الجهل، فالأشياء تعرف بأضدادها؛ فالعلم وسيلة للتقرب من الله جل وعلا، فأول آية نزلت في القرآن الكريم كانت اقرأ، فالعلماء أكثر الناس خشية من الله جل وعلا، قال تعالى: “إنما يخشي الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور” [فاطر: 28]. صقل شخصية الفرد وغرس المبادئ والقيم في نفسه منذ نعومة أظفاره، وكلما زاد نصيب الفرد من العلم اتسم برجاحة العقل والاستقلالية.
تحقيق الرفاهية للفرد والمجتمع ككل
فالطلاب يعلمون أن الدرجة النهائية المرصودة في الشهادة تأتي عن طريق الامتحانات النظرية، فالغاية في الحصول علي درجة متميزة هي الإجابة الصحيحة علي هذه الامتحانات، فبالتالي ذهن الإنسان أصبح مبرمجا علي البحث عن الطرق المختصرة للحصول علي كل شيء، وفي فكر الطالب بأن أسهل الطرق وأسرعها هي طريق الغش لذلك النظام المدرسي لدينا يقدر الطالب علي معيار العلامات المدرسية والتي تأتي عن طريق هذه الامتحانات.
هل فقد المعلم دوره القدوة لتلاميذه؟
تعد وظيفة المعلم أسمي الوظائف علي مر التاريخ ولنا في نبينا محمد صل الله عليه وسلم خير مثال فهو أفضل معلم علي وجه الأرض، ولما مات خلف وراءه العديد من الصحابة المتعلمين الذين أكملوا مسيرته من بعده وساروا علي نهجه لأنهم كانوا أصلا مزودين بالمعرفة والدافعية لتنمية المجتمع الاسلامي وبناء الدولة الاسلامية القوية.
ففي العملية التعليمية يشكل المعلم في العملية التعليمية ركيزة ولبنة أساسية تنطوي علي تحصيل الطالب ودافعيته نحو التعلم ولا يقصد بذلك دوره التقليدي في الشرح وإيصال المعلومة فقط، بل في التوجيه والإرشاد الأمثل للطلبة ليكون قدوة حسنة لهم في الميدان التربوي فيترك أثرا في نفوسهم ويولد حبًا للعلم في داخلهم، ويجعلهم في شوق حقيقي لاكتساب المزيد من بحر العلوم الواسعة الأمر الذي ينعكس علي الطالب المهمل فيتحول لطالب مثابر ثم طبيب أو مهندس أو مخترع.
التعليم من قبل كان غاية
الجميع يريد أن يتعلم ليكون مثقفا فلم يكن التعليم مقتصرا علي الدراسة فحسب بل كان المتعلم يثقف نفسه في تخصصه بحرية ويختار مجاله بحرية أكثر ولم يكن هناك فارق بين كلية وأخري.
أما الآن فأصبح التعليم وسيلة إلي غاية غير محبوبة في بعض الاحيان وعند أغلب البشر….فهناك من يتعلم ليصبح طبيبا أو مهندسا … لا ثالث لذلك هنا السؤال يطرح نفسه فما الغاية أو الهدف والمهارة من التعليم بكافة مراحله؟
التعليم من أجل الصحة ( الوقاية خير من العلاج)
التعليم الجيد محور أساسي للصحة الجيدة لكي يعيش الناس حياة صحية ومثمرة يحتاجون للمعرفة لتفادي الأمراض علي أنواعها لكي يتعلم الأطفال والمراهقون يجب أن يتمتعوا بصحة جيدة وذلك من خلال بلوغ أعلي مستويات أعلي من التعليم بين الأمهات يحسن معدلات تغذية الأطفال وتلقيحهم مع تقليل وفيات الأطفال التي يمكن الوقاية منها.
وعندما ينخفض المستوي التعليمي للفرد فإن فرصه في العمل تنحصر في أعمال وأماكن عالية الخطورة إذا ما استثنينا علماء الفيروسات والبيولوجيا والاشعاع.
وارتباط المستوي التعليمي بالصحة قد يتم من خلال زيادة الدخل الذي يوفره التعليم للشخص وهو ما يمكنه من شراء خدمات صحية أفضل وتوفير تأمين صحي وعلاوة على ذلك يفترض أن يزود التعليم الناس برصيد معرفي يمكنهم من معرفة مهددات صحتهم الجسدية والنفسية وطرق الوقاية من أضرارها.
الحد من معدلات الجرائم
يلعب التعليم دورا مهما في حياة الفرد والمجتمع وذلك من خلال توضيح التعليم للفرد ما هو الصحيح وما هو الخاطئ وعرض تجارب الآخرين أمام الفرد في مراحل نشأته مما يساعده في تمييز الخطأ والصواب وتعزيز روح التعاطف في نفسه مما يؤدي إلي أن ميوله الداخلية ستقل لارتكاب الجرائم، وزيادة مستويات التعليم تؤدي لإنخفاض نسبة الاعتقالات في السجون.
الحد من العنف المجتمعي
هناك العديد من المجتمعات التي تضم أفرادا متعلمين يكون فيها نسبة العنف المجتمعي منحفضة وذلك لأن الأفراد المتعلمين يدعمون المساواة علي كافة الأصعدة ويعملون جاهدين لمحاربة العنف المجتمعي والعنف المنزلي الذي يندرج منه وعلاوة علي ذلك كافة أنواع العنف الاجتماعي الذي يقف عائقا كبيرا في تطور المجتمع وبنائه.
خلاصة القول:
العلم وسيلة للحصول على فرصة عمل وبالتالي فهو يحمي أفراد المجتمع من البطالة وما ينتج عنها من ارتفاع معدل الجريمة والإدمان في المجتمع. القضاء على الجهل الفقر والرذيلة. وسيلة من وسائل توثيق التاريخ والثقافة بما يحميها من الاندثار والنسيان بعد زمن طويل. القدرة على التفكير والتحليل المنطقي للأمور الحياتية. الشعور بالقيمة في الحياة، فالمتعلم أكثر ثقة بنفسه من الجاهل. القدرة على الانسجام مع متغيرات الحياة واستيعاب الثقافات المختلفة والتعامل معها، بما يحول دون اعوجاج ثقافته الأصلية وعقيدته الدينية وثوابته الوطنية.
هناك من يتحدث اليوم عن البحث العلمي في الدول النامية، ويعتقد حقا أن الأساتذة في هذه الدول يشاركون في البحث العلمي، لكنني أود أن أطرح عليه سؤالا واحدا ، كيف يمكن لمن لا يفهم علاقة ما يدرسه بالواقع أن يشارك في البحث العلمي ؟ أو كيف يمكن لمن لا يعلم كيفية صنع الآلات الموجودة حاليا أن يخترع و يأتي بما هو جديد؟
الدكتور/ أحمد شندى باحث دكتوراه مناهج وطرق تدريس اللغة الفرنسية كلية التربية – جامعة المنصورة
[email protected]
اقرأ أيضا:
