جيه إل إل: السعودية والإمارات بصدارة دول العالم في الاستثمار بتجهيز المكاتب عالية الجودة

تتجه الشركات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نحو الاستثمار في التصميم الكلي للمساحات المكتبية وتجهيزها لدعم استراتيجيات العودة إلى العمل من المكتب، وذلك حسبما أفاد تقرير “دليل تكلفة تجهيز المساحات المكتبية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا للعام 2025” الصادر عن شركة “جيه إل إل”.
وقد أدى ذلك إلى تسارع الطلب على المساحات المكتبية عالية الجودة من الفئة (أ) والتجهيزات التي تعزز التجربة والأداء في مكان العمل.
وقد صنفت أحدث دراسة أجرتها “جيه إل إل” السعودية والإمارات بين أبرز الدول عالمياً التي تشهد نسبة عالية من التكاليف المخصصة للتشطيبات عالية الجودة حيث بلغ متوسط التكاليف أكثر من 2,400 دولاراً للمتر المربع، وهو أعلى من المتوسط العالمي البالغ 1,830 دولاراً للمتر المربع وذلك في ظل تحول أماكن العمل إلى عنصر أساسي في جذب المواهب والاحتفاظ بها.
ويتناول “دليل تكلفة تجهيز المساحات المكتبية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا للعام 2025” الصادر عن “جيه إل إل” هذه التفاصيل، حيث يُحلل بيانات تم جمعها من 25 سوقاً، مُقدّماً رؤىً حول تباين التكاليف والعوامل المؤثرة والاهتمامات المتعلقة بالاستدامة، واتجاهات السوق.
وقد أوضح الدليل أيضاً ضغوط التكلفة المعقدة التي يواجهها قطاع الإنشاءات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في عام 2025، مع ارتفاع تكاليف تجهيز المكاتب خلال الاثني عشر شهراً الماضية. ويعكس الارتفاع المستمر في التكاليف التوجه المتزايد لدى المؤسسات في المنطقة، حيث تخطط 44% منها لزيادة أيام العمل من المكتب خلال السنوات الخمس المقبلة. وتُصنّف دبي أيضاً ضمن أعلى 20 مدينة عالمياً في مؤشر تكلفة المدن، مما يفسّر المنافسة المستمرة فيها على المساحات المكتبية من الفئة (أ). بينما في المملكة العربية السعودية، تقود مبادرات مثل “برنامج المقر الإقليمي” زيادة الطلب على هذه المساحات.
وأفاد تقرير “جيه إل إل” أيضاً أن الاستدامة تمثل عاملاً حاسماً في العديد من استراتيجيات نقل وتجهيز المكاتب، حيث تخطط 68% من المؤسسات على مستوى العالم لزيادة الاستثمار في أداء الاستدامة خلال السنوات الخمس المقبلة. وفي منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، يُلاحظ أقوى توجّه على هذا الصعيد في السعودية والإمارات، حيث يسعى 78% من أبرز مطوري العقارات للشركات إلى تعزيز القيمة التي يقدمونها من خلال الاستدامة.
وبهذه المناسبة، قال مارون ديب، رئيس خدمات المشاريع والتطوير لشركة “جيه إل إل” في المملكة العربية السعودية والبحرين: “من المتوقع أن يستمر التفاؤل العام تجاه الاستثمار في مساحات العمل طوال عام 2025، حيث تستثمر الشركات التي تركز على النمو في تجهيز المكاتب لدعم سياساتها المتعلقة بنمط العمل الهجين. وستشهد الاستثمارات الهادفة لتعزيز تجربة الموظف تركيزاً متزايداً على تصميم مكان العمل، وحلول التكنولوجيا المبتكرة، وفرص التجديد، وذلك في ضوء تنامي اهتمام الموظفين بمساحات عمل صحية وموفرة للطاقة”.
تساهم عدة عوامل في ديناميكيات السوق الحالية؛ فقد أثرت اضطرابات سلسلة التوريد في عام 2024 بشكل غير متناسب على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما تسبب في تضييق الأطر الزمنية للمشاريع وارتفاع الأسعار. وعادةً ما تُشكّل أعمال البناء، التي تشمل فواصل المساحات والأرضيات والتشطيبات وأعمال النجارة، الجزء الأكبر من تكاليف التجهيز، حيث تتراوح نسبتها من 26% في القاهرة، و36% في الإمارات، إلى 40% في السعودية. وتُعدّ هذه التكاليف الأكثر تأثراً بأسعار المواد الخام ومخاطر سلسلة التوريد.
تستحوذ الخدمات الميكانيكية والكهربائية الآن على أعلى نسبة من تكاليف تجهيز المكاتب، حيث تتطلب معايير البيئة والاستدامة الصارمة أنظمة أكثر تعقيداً. وتحتل القاهرة مرتبة متقدّمة بنسبة مئوية بلغت (39%)، مما يجعلها من بين أعلى المدن عالمياً من حيث متوسط نسبة تكاليف خدمات الميكانيك والكهرباء لكل متر مربع، بينما تتقارب دبي (30%) والرياض (29%) مع متوسط التكلفة العالمي البالغ 29%. كما يُعدّ تكامل التكنولوجيا أمراً محورياً لتحسين بيئات العمل الهجينة في جميع أنواع المكاتب، حيث تستثمر الشركات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في أنظمة سمعية وبصرية مُحسّنة ومُوسّعة.
وقال غاري تريسي، رئيس قسم المشاريع وخدمات التطوير لدى “جيه إل إل” الإمارات: “يتزايد الطلب على مساحات المكاتب عالية الأداء في الإمارات، حيث يُولي أصحاب المصلحة أولويةً متزايدة للاعتبارات البيئية من أجل تعزيز قيمة الأصول. وتحظى المكاتب التي تتبنّى التقنيات المبتكرة ومبادئ التصميم المستدام، والتي تتمتع بأعلى مستويات الاعتمادات الخضراء، بميزة تنافسية، لا سيّما في دبي. وستساهم الاستثمارات الرامية لتعزيز الاستدامة في تقليل النفقات التشغيلية المستقبلية، مما يجعلها جذابة للغاية للمستأجرين الباحثين عن بيئات عمل عصرية وفعّالة”.
ويستمر نمو الزخم نحو بيئات العمل المستدامة في المنطقة، مدفوعاً بالالتزامات المؤسسية، والتوقعات المتغيرة، والمتطلبات التنظيمية الصارمة. وتقارن الشركات التكاليف والفوائد بين الانتقال إلى مبانٍ أحدث من الفئة (أ) أو ترقية أصولها القائمة. ومع ذلك، تواجه المؤسسات في المنطقة تحديات في تلبية متطلبات الاستدامة بسبب محدودية المخزون المناسب وارتفاع تكاليف ترقية المباني القديمة. ولمواجهة هذه التحديات، يعد التخطيط المبكر ودمج أهداف الاستدامة في استراتيجيات الانتقال ومشاريع التجهيز أمراً بالغ الأهمية.
من جانبه قال أحمد همت، رئيس خدمات المشاريع والتطوير لدى “جيه إل إل مصر”: “في ظلّ حالة عدم اليقين الاقتصادي، ستتمكن الشركات التي تتبنى المرونة منذ مرحلة تخطيط بيئات عملها من تكييف هذه البيئات بشكل أفضل لتلبية متطلبات القوى العاملة المتغيرة. وهذا يدعم أيضاً قرارات التأجير، حيث تسهم المساحات المرنة في توفير التكاليف على كل من المالكين والمستأجرين، وتخلق بيئة عمل أكثر تفاعلية وإنتاجية، بما يُلبي احتياجات نموذج العمل الهجين المُتبع حالياً”.
رغم تنوع التحديات والفرص التي يتسم بها المشهد الراهن، سيواصل مجال إنشاء المكاتب نشاطه المعتاد في المنطقة. ولضمان نجاح مبادرات تجهيز المكاتب، توصي “جيه إل إل” بضرورة تعزيز التعاون وإبرام شراكات فعّالة؛ فمن أنظمة المباني المراعية للبيئة والذكية إلى مساحات العمل القابلة للتكيف، يلعب التعاون مع سلسلة التوريد دوراً محورياً في ضبط التكاليف وتسهيل الابتكار في أماكن العمل التي تركز على المستقبل.