أهم الأخباربترول وغاز

الطريق إلى «صفر» كربون.. مصر تبدأ إنتاج الهيدروجين الأخضر

تحقيق- مجدى أبو الفتوح:

مصر تبدأ إنتاج الهيدروجين الأخضر قبل انعقاد قمة المناخ cop27 بشرم الشيخ

وزير الكهرباء لـ«الشروق»: 42% نسبة الطاقة المتجددة فى استراتيجية الطاقة 2035

الهيدروجين يستخدم كوقود مباشر لتشغيل محطات الكهرباء والسيارات والقطارات والمصانع

الفحم ينتج 100% عوادم كربونية والوقود الأحفورى ينتج 70% والغاز 20% والطاقة المتجددة والهيدروجين لا ينتجان أى عوادم

28 مشروعا فى المنطقة العربية.. و8 مشاريع مخطط تنفيذها فى مصر لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق.. ومشروع تجريبى فى مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية بدبى

خبراء يطالبون بالاستعداد لاقتصاد الهيدروجين: تقليل تكلفة الإنتاج.. وإنشاء بنية تحتية للنقل والتوزيع بما يسمح بتأسيس تجارة دولية على غرار النفط والغاز الطبيعى.. وتعديل الأطر التشريعية والتنظيمية لضبط وتشجيع الاستخدام

تستعد مصر لدخول عصر إنتاج الهيدروجين الأخضر من المياه بدون انبعاثات ملوثة للبيئة، قبيل عقد مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخى Cop27 بمدينة شرم الشيخ، ليكون أول تطبيق عملى على أرض الواقع وأكبر مشروع للطاقة فى العالم، يضع مصر فى مكانة دولية رائدة فى مجال الاستثمار فى الطاقة الخضراء النظيفة. كون الطاقة المتجددة والهيدروجين لا ينتجان أى كربون، لنعود إلى صفر كربون.

وبحسب الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الذى قال لـ«الشروق»: إن استراتيجية الطاقة 2035 مخطط أن تصل الطاقة المتجددة إلى 42% من طاقتنا، ونعيد النظر فى الاستراتيجية لإدخال إنتاج الهيدروجين، مشيرا إلى أن القدرة الإجمالية للطاقة فى مصر تصل إلى 56 ألف ميجا وات، وستصل الطاقة المتجددة فى 2023 إلى 10 آلاف ميجا وات، وموقع مصر الجغرافى أصبح جاذبا للاستثمارات العالمية فى هذا المجال.

                                                              الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة

أكد شاكر أهمية الاعتماد على طاقة الهيدروجين الأخضر من خلال التعاون مع الشركات العالمية وإعداد الاستراتيجية الوطنية لإنتاج الهيدروجين، موضحا أن الكهرباء تمثل 50% من تكلفة إنتاج الهيدروجين، والتوسع فى محطات إنتاج الهيدروجين يؤدى إلى خفض تكلفة الإنتاج.

وأشار شاكر إلى توقيع عدة عقود مع شركات عالمية لدراسة تنفيذ إنتاج وتخزين الهيدروجين الأخضر، منها مذكرة تفاهم مع شركة سيمنز الألمانية بحضور رئيس الوزراء لمناقشة التعاون فى مجال الهيدروجين، وفى أكتوبر 2021، وقع اتفاق لتنفيذ مشروعات تجريبية لإنتاج من 100 إلى 200 ميجا وات، بواسطة المحلل الكهربائى للمياه لإنتاج الهيدروجين الأخضر، مشيرا إلى أن نقله فى الوقت الحالى صعب ولذلك نقوم بتحويله إلى الأمونيا.

وأوضح شاكر، أن شركة سكاتك النرويجية تنفذ حاليا مشروعا لإنتاج 100 ميجا وات من الهيدروجين وتحويله إلى الأمونيا وهو أكبر مشروع فى العالم وأول تطبيق عملى على أرض الواقع وسيجعل الدولة رائدة الاستثمار فى الطاقة الخضراء النظيفة دوليا، مشيرا إلى بدء الإنتاج فى أكتوبر من عام 2022 قبل استضافة مصر لمؤتمر المناخ Cop27.

ليس له لون

والهيدروجين ليس له لون، لكن تم وضع ألوان له لمعرفة مصدر الطاقة المستخدمة فى الإنتاج، وسمى بالأخضر بسبب إنتاجه من مصادر طاقات متجددة من الرياح والشمس والكهرمائية، لأن الانبعاثات هى التى تسبب الأذى للبيئة، عبر الغازات الضارة الناتجة عن استخدام الوقود الأحفورى ما أدى إلى الاحتباس الحرارى وارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد فى القطب الشمالى وارتفاع مستوى المياه فى المحيط الأطلنطى، وحرائق الغابات التى شهدها العالم، التى تمد العالم بالأكسجين.

البداية

وبينما قال المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، لـ«الشروق»: إن الهيدروجين يمكن حفظه فى خزانات، مؤكدا أن مصر دخلت فى صناعة الهيدروجين للتحول إلى الطاقة النظيفة وتعظيم القيمة المضافة من الوقود البترولى، كشف الرئيس التنفيذى لشركة سيمنز جو كايسر، فى تصريحات تليفزيونية، عن توقيع اتفاق مع الحكومة المصرية لإنشاء مشروع لإنتاج 100 ميجا وات من الهيدروجين الأخضر، وذلك كبداية لهذا المجال، ومصر لديها طبيعة فريدة للغاية.

وأضاف كايسر أن الهيدروجين الأخضر يتم إنتاجه من الطاقة المتجددة ولكن التكنولوجيا الخاصة به متطورة ومكلفة للغاية وتحتاج مصادر للطاقة على مدار الساعة ومصر لديها طبيعة فريدة ولديها الشمس والرياح فى نفس الوقت، ولذلك يمكنك أن تستخدم مزارع الرياح والمحطات الشمسية ويستمر إنتاجه.

وأكد كايسر أن مصر جاذبة لهذا النوع من الاستثمار، واتفقنا أن يكون نموذجا اقتصاديا شاملا لتجرية إنتاج الهيدروجين الأخضر ونحن بحاجة إلى دراسة العائد الاقتصادى لاستخدامه سواء لتصديره أو للاستخدام المحلى، أو فى المستقبل لتشغيل القطارات فائقة السرعة، ويوجد الكثير من الفرص التى يمكن أن نستغلها سويا للتعاون فيما بيننا سواء فى النقل أو التكنولوجيا أو الطاقة النظيفة.

فرص واعدة

بدوره قال الدكتور عطية عطية، عميد كلية هندسة الطاقة والبيئة بالجامعة البريطانية: إن مصر من الدول الواعدة فى إنتاج الهيدروجين وجلب الاستثمارات ويوجد لدينا مقومات إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق، وتوافر الشبكة التى ينقل فيها الهيدروجين، مشيرا إلى إنتاجه سيقلل الانبعاثات الضارة الناتجة عن الوقود الأحفورى.

وأضاف عطية، لـ«الشروق»: أن مصر تسعى إلى تحقيق مزيج مثالى من مصادر الطاقات المتاحة من الغاز والطاقات المتجددة الشمس والرياح والوقود الحيوى والهيدروجين والطاقة النووية، قائلا: «لدينا اكتشافات كبيرة من الغاز الطبيعى ويتغير ترتيبنا إلى الأفضل بين دول إنتاج الغاز الطبيعى ولابد من الاستفادة من المصادر وكل منطقة ستحدد المزيج المثالى الذى يحقق أمن الطاقة لها».

وتابع عطية: من الضرورى جدا أن يتم تصنيع المستلزمات والمعدات التى تستخدم فى توليد الطاقات المتجددة فى مصر.

مشروعات المنطقة العربية

وبنظرة على المنطقة العربية قال المهندس وائل حامد خبير الصناعات الغازية فى منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، إن عدد مشاريع إنتاج واستخدام الهيدروجين المخططة فى الدول العربية المهتمة بالاستثمار بالهيدروجين وصل إلى 28 مشروعا، غالبيتها لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بإجمالى 18 مشروعا، بينما خصص 8 مشاريع لإنتاج الهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء، و2 مشروع لاستخدام الهيدروجين كوقود فى المركبات العاملة بخلايا الوقود، وتتصدر جمهورية مصر العربية، قائمة الدول العربية بإجمالى 8 مشاريع مخطط تنفيذها لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق.

وأضاف حامد لـ«الشروق» أن من بين المشاريع التى تم تنفيذها مؤخرا، مشروعا تجريبيا لإنتاج الهيدروجين الأخضر فى دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع هيئة كهرباء ومياه دبى ومكتب «إكسبو 2020 دبى»، وذلك فى منشآت الاختبارات الخارجية التابعة لمركز هيئة كهرباء ومياه دبى للبحوث والتطوير فى مجمع «محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية» فى مدينة دبى، والمشروع يضم منشأة للتحليل الكهربائى قدرة 1.25 ميجاوات، باستخدام تقنية PEM تكفى لإنتاج 20 كجم/الساعة (175 طنا / السنة) من الهيدروجين عند ضغط 35 بارا.

 مشروع تجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية بدبي (المصدر: أوابك)

مبادرات الإنتاج 

وأبدى عدد من الدول العربية فى السنوات الثلاث الأخيرة اهتماما بدراسة فرص استغلال الهيدروجين ومدى إمكانية تنفيذ مشاريع لإنتاجه وتصديره، خاصة فى الأسواق التى بات لها استراتيجية واضحة نحو تعزيز دور الهيدروجين فى المستقبل، بحسب وائل حامد؛ حيث ارتفع عدد الدول العربية التى أبدت اهتماما فى مجال الهيدروجين إلى ثمانى دول لتشمل القائمة كلا من مصر والإمارات، والجزائر، والسعودية، والعراق، وعمان، والمغرب، وموريتانيا، وشهد عام 2021 نشاطا ملحوظا من جانب الدول العربية فى سبيل تعزيز التعاون والشراكة الدولية والسعى نحو تنفيذ مشاريع عملاقة، منها ما يقوم على إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، بينما يقوم البعض الآخر على التوسع فى إنتاج الهيدروجين الأزرق أو مشتقاته مثل الأمونيا الزرقاء.

وتابع حامد: وعالميا، بلغ عدد الدول التى بدأت تعمل على إعداد خطط واستراتيجيات وطنية للهيدروجين إلى 33 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبى الذى أعلن عن الاستراتيجية الأوروبية للهيدروجين منتصف عام 2020.

أنواع الهيدروجين 

                                                             جهاز تحليل كهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر – (المصدر: أوابك)

والهيدروجين الأخضر لا يصاحب إنتاجه أى انبعاثات، وسمى بالأخضر لأن الانبعاثات هى التى تسبب الأذى للبيئة، وإنتاجه من مصادر طاقات متجددة من الرياح والشمس والكهرومائية من السد العالى وخزان أسوان، وبالتالى فإن الخلايا الشمسية تنتج كهرباء ليس بها انبعاثات، واستخدام الكهرباء فى تحليل المياه، واستخراج الهيدروجين والأكسجين.

وأشار الدكتور سمير محمود القرعيش، نائب رئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعة، والمشرف على أنشطة الطاقة الخضراء، إلى أنه منذ الستينيات نستخرج الهيدروجين من الغاز الطبيعى، وحاليا يطلق عليه الهيدروجين الرمادى، بإجراء عليه عملية تسمى الإصلاح البخارى أو إعادة تشكيل الغاز بالبخار، ويستخرج منه الهيدروجين وينتج معه ثانى أكسيد الكربون فى الهواء ويطلق عليه هيدروجين رمادى، ولو استخدمت تكنولوجيا وتم اصطياد ثانى أكسيد الكربون وتخزينه فى آبار أو أى شىء آخر يطلق عليه أكسجين أزرق.

وتابع القرعيش: والهيدروجين الأصفر: تكون الكهرباء المستخدمة من الطاقة النووية، لتحلية المياه وإنتاج الهيدروجين، والهيدروجين الفيروزى، ينتج بواسطة التحلل الحرارى للغاز الطبيعى، ويستخرج معه كربون صلب أما الهيدروجين الأسود أو البنى فينتج من الفحم ويصاحب إنتاجه خروج غاز ثانى أكسيد الكربون إلى الجو وإذا تم اصطياد غاز ثانى الكربون وعدم السماح بخروجه إلى الجو فيطلق على الهيدروجين فى هذه الحالة أيضا الهيدروجين الأزرق.

استخدامات الهيدروجين

وأوضح المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق، لـ«الشروق» أن الهيدروجين يستخدم كوقود مباشر لتشغيل محطات الكهرباء والسيارات والقطارات والمصانع، أو تحويله واستخدامه فى الصناعة. فالغاز الطبيعى بحسب كمال، يُحرق لنستخرج منه هيدروجين ثم نحوله لأمونيا ثم نترات وسماد، وخلطه مع نيتروجين من الجو ليعطى أمونيا.

                                                            أسامة كمال وزير البترول الأسبق

وأضاف كمال، أن حرق الغاز ينتج عنه ثانى أكسيد الكربون والهيدروجين، موضحا: الهيدروجين أضع عليه نيتروجينا من الجو بواسطة وحدة فصل النيتروجين لعمل أمونيا، وثانى أكسيد الكربون ندخل عليه مياها ونعمل منه كربونك، ثم أدخله مع الأمونيا وإضافات أخرى لإنتاج يوريا.

وأشار كمال، إلى أن الأمونيا نضع عليها نيتريك أسيد لإنتاج نترات أمونيا، ولو وضعنا عليها سلفويك أسيد ننتج سلفات أمونيا.

وتابع كمال: الهيدروجين مع نيتروجين الجو لإنتاج أمونيا، والأمونيا الزرقاء يكون مصدر الكهرباء معها وقودا بتروليا، والأمونيا الخضراء مصدرها طاقة متجددة.

اهتمام المجتمع الدولى والتحديات

أكد المهندس وائل حامد خبير الصناعات الغازية فى منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، أن الهيدروجين يتميز بتواجده فى العديد من المركبات المتواجدة بوفرة فى الطبيعة، ولكن تتطلب عملية إنتاجه توفير مصدر للطاقة، وبالتالى عند التخطيط لتنفيذ مشروع لإنتاجه لابد من ضمان توافر كل من المادة الخام ومصدر للطاقة التى ستستخدم فى عملية الإنتاج، وعادة ما يتم استخدام الألوان فى تمييز الهيدروجين حسب طريقة الإنتاج المستخدمة.

وأضاف: يعد الهيدروجين الأخضر النوع الرئيسى محل الاهتمام الدولى كونه يعتمد على استخدام الطاقة المتجددة، ولا يتسبب أثناء إنتاجه فى أى انبعاثات كما هو الحال مع الهيدروجين الرمادى.

وقال حامد: بالرغم من الطاقة التى يوفرها الهيدروجين وما سيخلقها من فرص، هناك عقبات يجب العمل على تجاوزها لتحقيق اقتصاد الهيدروجين، وهى ارتفاع التكلفة التى يجب العمل على تقليلها حيث تصل تكلفة إنتاجه فى بعض المناطق إلى نحو خمسة أمثال تكلفة الغاز الطبيعى على سبيل المثال.

وشدد حامد على ضرورة إنشاء بنية تحتية لنقل وتوزيع الهيدروجين بما يسمح بتأسيس تجارة دولية له على غرار النفط والغاز الطبيعى؛ حيث لا تزال شبكات الهيدروجين محدودة للغاية وتنحصر فى مناطق بعينها، ويمثل مجموع أطوالها حوالى 0.2% تقريبا من مجموع أطوال شبكات نقل وتوزيع الغاز الطبيعى عالميا.

وأكد حامد، أن التحدى الآخر يتعلق بالحاجة إلى وضع سياسات وإعداد قواعد وإجراءات تنظيمية؛ حيث يجب على صناع القرار السياسى الإسراع بإدخال التعديلات والتغييرات المطلوبة على الأطر التشريعية والتنظيمية التى تضبط وتشجع على استخدام الهيدروجين فى التطبيقات المختلفة، ونحن لا نزال فى مرحلة مبكرة جدا للوصول إلى اقتصاد للهيدروجين.

وقال حامد: لجأت الدول الأوروبية لخيار الهيدروجين بسبب التحديات الفنية والاقتصادية التى تعيق استخدام مصادر الطاقة المتجددة على نطاق واسع للوصول إلى مستقبل خالٍ من الكربون؛ حيث ثبت عمليا أن نموذج الكهرباء المتجددة مكلف للغاية، وتحقيق نزع للكربون منه بشكل عميق سيأخذ وقتا طويلا علاوة على صعوبة تطبيقه فى بعض الصناعات التى تحتاج إلى الوقود الأحفورى، كما أن الطبيعة المتقطعة للطاقة المتجددة مثل ارتفاع أو انخفاض سرعة الرياح تؤثر على ثبات واستقرار الشبكات، وبالتالى لا يمكن الاعتماد عليها بصورة منتظمة.

وتابع حامد: من هنا بدأ الاهتمام يتجه نحو إيجاد بدائل أو مكملات مع مصادر الطاقة المتجددة لتحقيق تلك الغاية؛ حيث برز الهيدروجين كأحد تلك الحلول مكتسبا زخما دوليا غير مسبوق حول الدور الذى يمكن أن يساهم به فى عملية تحول الطاقة وخلق مستقبل للطاقة خالٍ من الكربون؛ حيث لا ينتج عند حرقه أى انبعاثات، وقد جاء هذا الاهتمام ممثلا فى خطط ومبادرات أعلنتها عدة دول وشركات عالمية ومنظمات دولية معنية بأمور الطاقة.

وأشار حامد إلى أنه يتوقع أن يكون للهيدروجين مستقبل واعد فى عملية تحول الطاقة فى عدة قطاعات اقتصادية، الأمر الذى سيسمح بتقليل الاعتماد على مصادر الوقود الأحفورى نظرا لإمكانية استخدامه مباشرة كمصدر للوقود، أو حامل للطاقة واستخدامه عبر تطبيقات خلايا الوقود، أو كمادة خام للعديد من الصناعات مثل صناعة السماد والمواد الكيميائية وصناعة التكرير، كما يمكن استخدامه لتوفير الحرارة فى الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة مثل صناعة الصلب.

أهمية الهيدروجين فى خفض التلوث

                                                               جهاز تحليل كهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر – (المصدر: أوابك)

قال الدكتور جمال القليوبى أستاذ هندسة الطاقة بالجامعة الأمريكية: إن الهيدروجين غاز يمكن اشتعاله دون انبعاث ذرات كربون، مشيرا إلى أن الغازات الكربونية لها تأثير حرارى يؤدى تغير المناخ واختراق لطبقة الأوزون، وهذا ما حدث حاليا فى غطاء الأوزون.

وأضاف القليوبى، أن الثورة الصناعية واعتمادها على الوقود الأحفورى، سببت التلوث وارتفاع درجات الحرارة، مشيرا إلى أن المصانع التى تستخدم الوقود فى عملية الإنتاج تنتج تلوثا، والسيارات تسير بالبنزين وتنتج كربونا يلوث الجو، ويؤدى إلى الاحتباس الحرارى واحتراق الغابات لزيادة الحرارة، وانعكاس ذلك على حياة الأفراد، قائلا «المسافة إلى الغلاف الجوى تصل إلى 800 كيلو متر، ووصول التغير المناخى لها يحتاج سنوات كثيرة».

وأشار القليوبى إلى أن الهواء المكون للغلاف الجوى من خليط من الغازات المختلفة، وعلى الرغم من أهمية غاز الأكسجين للحياة على الأرض إلا أن غالبية الغلاف الجوى مكونة من النيتروجين، إذ يتكون الغلاف الجوى من نحو 78% من النيتروجين، و21% من الأكسجين، و0.9% من الأرجون، و0.1% من غازات أخرى، التى تشمل كميات ضئيلة من ثانى أكسيد الكربون، والميثان، وبخار الماء، والنيون، والهيدروجين، والهيليوم.

وذكر القليوبى أن الدول الصناعية العشرين يوجد لديها طفرة فى التعامل مع الكربون، مثل ألمانيا التى بادرت إلى البحث عن وقود لا ينتج عند اشتعاله عوادم كربونية، مؤكدا أن الثورة الصناعية للطاقة تنتقل من الوقود الأحفورى إلى الغاز الطبيعى ثم الطاقة المتجددة والطاقة النووية ثم الهيدروجين.

وأكد القليوبى، الفحم ينتج عوادم كربونية بنسبة 100%، والوقود الأحفورى ينتج 70% كربونا والغاز 20% والطاقة المتجددة والهيدروجين لا ينتجان أى عوادم كربونية، لنعود إلى صفر كربون.

وأشار القليوبى إلى أن المياه تمثل ثلثى الكرة الأرضية وبالتالى فهى منتج متوافر لإنتاج طاقة متجددة من الهيدروجين الأخضر، ويمكن نقله فى أنابيب عبر مسارات حول العالم للدول التى ليس لها سطوع شمسى ولو لديها رياح تنتجه من الرياح.

وتابع القليوبى، طالب مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخى cop26 بأن يتجه العالم خاصة الدول المطلة على البحار والمحيطات لاستخدام المياه وإنتاج الهيدروجين، مشيرا إلى أن الهيدروجين سيكون وقودا للمنازل فى المستقبل وللسيارات.

وقال الدكتور مجدى علام أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب: إن الصين أكبر ملوث للمناخ على مستوى العالم لأن الفحم مصدر الطاقة الرئيسى لديها، وتنتج انبعاثات ملوثة للبيئة فى حدود 45%، و28% لأمريكا، و20% للهند، فى حين أن مصر وكل دول أفريقيا لا يزيد عن 4%.

وأوضح علام لـ«الشروق» أن استخدام الفحم والوقود الأحفورى أكبر ملوث للكرة الأرضية والبشرية والثورة الصناعية، أفسدت المناخ والعالم سيدفع ثمن تغيير المناخ.

وأكد علام، أن العالم يواجه مشكلة توفير الطاقة للصناعات الثقيلة من الطاقة المتجددة لأن الفحم والبترول هى الطاقة الوحيدة حاليا التى تستطيع تشغيل أفران الصناعات الثقيلة التى تحتاج درجة تسخين عالية كالحديد والصلب والأسمدة.

وأشار علام إلى أن التلوث أدى للاحتباس الحرارى وارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد فى القطب الشمالى وارتفاع مستوى المياه فى المحيط الأطلنطى، ووصول هذا الضرر إلى مصر بزيادة ارتفاع المياه بفرعى رشيد ودمياط وتضرر الفلاحين من زيادة المياه المالحة وقلة خصوبة الأرض.

وتابع علام، وحرائق الغابات التى شهدها العالم فى بعض الدول الأوروبية، وحرق الأوراق الخضراء التى تمتص أكاسيد الكربون وتخفف الاحتباس الحرارى، لأن الغابات تمد العالم بالأكسجين فهى «مصنع الأكسجين»، والتغير المناخى أدى للأعاصير وتدمير البيئة وتسخين المياه فى المحيط، وإفساد نظم البيئة بقتل الطحالب الخضراء المنتجة للأكسجين، وأصبح بدلا منها الطحالب الزرقاء الملوثة للبيئة.

وأكد أن مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخى cop27 المقبل فى مدينة شرم الشيخ، سيساعد مصر فى عرض تأثر مصر ودول أفريقيا بالتغيرات المناخية الناتجة عن التلوث الصناعى للدول الكبرى.

وأضاف علام، المؤتمر سيكون فرصة لمطالبة مصر بأن على المجتمع الدولى خاصة العشرين الصناعية، بتقديم المزيد من المنح للدول الأفريقية لتقليل نتائج الضرر الواقع عليها نتيجة التغيرات المناخية، وبدون التزام شركات البترول والفحم الكبرى باستخدام تكنولوجيا حديثة لتقليل التلوث والاتجاه نحو الطاقة النظيفة واستخدام الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر لن يتوقف التلوث، مؤكدا أن من يتحكم فى قرار خفض الانبعاثات الضارة بالبيئة هى الشركات الكبرى.

نقلا عن جريدة الشروق.

اظهر المزيد


زر الذهاب إلى الأعلى