أسواق النفطأهم الأخبار

الأمين العام لـ«أوابك»: المنطقة العربية صمام أمان لمنظومة الطاقة فى العالم

أدلى على سبت بن سبت، الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك” تصريحاً حول التطورات الجارية فى منظومة الطاقة فى العالم.

وأشارت إلى أن ما يقارب العام قد مضى على “خارطة الطريق للوصول إلى انبعاثات صفرية فى عام 2050″، والتى نشرتها

وكالة الطاقة الدولية فى شهر مايو 2021. ومنذ ذلك التاريخ، أصدرت منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول /أوابك

سلسلة مقالات بينت فيها الدور الذى دعت له وكالة الطاقة الدولية.

ضخ الاستثمارات فى الصناعة البترولية

وحذر من خطورة تراجع الاستثمارات فى مجال الاستكشاف والإنتاج، وأكدت على أهمية ضخ الاستثمارات فى الصناعة البترولية عموماً، وفى مجال الاستكشاف والإنتاج خصوصاً، للحفاظ على توازن أسواق الطاقة فى العالم، والحفاظ على إنتاج مستقر يلبى الطلب العالمى ويواجه تذبذب مصادر التوريد فى الأحوال الطارئة وخاصة التغيرات الجيوسياسية.

وأشار إلى أنه فى إطار المواجهة المعلنة بعد اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية تداعت مؤخراً أغلب دول الاتحاد الأوروبى بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى التوقف عن استخدام النفط الروسى والبحث عن دول بديلة لتعويض وارداتها.

المساعى الأوروبية الأمريكية المحمومة

وضمن المساعى الأوروبية الأمريكية المحمومة فى هذا المجال استجابت الأسواق البترولية بارتفاع ملحوظ فى أسعار النفط والغاز والمشتقات النفطية، مما شكل ضغوطاً كبيرة لم تجد الإدارة الأمريكية الحالية متنفساً لها إلا عبر محاولة رمى الكرة فى ملعب الآخر، حيث مررت اللجنة القضائية التابعة للكونغرس الأمريكى، مشروع قانون أطلق عليه اختصاراً اسم: “نوبك” NOPEC وهو قانون موجه لأعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) كانت صيغته الأولى قد وضعت عام 2000 فى مسعى لرفع الحصانة عن شركات النفط الوطنية فى دول (أوبك)، ويهدف مشروع القانون إلى تمكين وزارة العدل الأمريكية من اتخاذ إجراءات قضائية ضد هذه الشركات بموجب قانون مكافحة الاحتكار الأمريكى، بدعوى “محاولة الحد من المعروض من النفط، وتأثير ذلك على الأسعار “.

الكونجرس الأمريكى

تم تقديم نسخ مختلفة من مشروع القانون ومناقشتها فى الكونجرس الأمريكى لما يقرب من 20 عاماُ، ولكن ذلك المشروع لم يتم تمريره إلى قانون قط. وشهد مشروع القانون معارضة المجموعات التجارية الرئيسية تخوفاً من النتائج التى ستضرب صناعة النفط والغاز الأمريكية، ومن أهم تلك المجموعات غرفة التجارة الأمريكية ومعهد البترول الأمريكى (API) ومنتجى زيت السجيل (النفط الصخرى) الذين حققوا (بحسب تقديرات الأمانة العامة) عائدات تجاوزت 1.2 تريليون دولار منذ عام 2000 حتى تاريخه.

ارتفاع أسعار النفط فى الماضى

كما ألمح إلى أن نظرة إلى الماضى القريب تبين بوضوح أن ارتفاع أسعار النفط فى الماضى ساهم فى تشجيع الاستثمار فى مجال التحول نحو مصادر بديلة للطاقة، لكن المنظور الحالى يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه البدائل لا تزال بعيدة كل البعد عن إمكانية إزاحة مصادر الطاقة الأحفورية عن عرشها.

ورغم ما يشاع من أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية هى الحل للخلاص من الأزمة التى يمكن أن تنتج عن خروج النفط الروسى من الأسواق، لكن الواقع أن حصة مصادر الطاقة المتجددة، وبعد أكثر من 20 عاماً من التوسع والأبحاث، لم تشكل إلا أقل من 6% من مزيج الطاقة المستهلكة عالمياً فى عام 2020.

الأزمة الروسية الأوكرانية

كما أن السعة المركبة من هذه الطاقات ليست موزعة بما يضمن أن تشكل مساهمة فعالة فى مزيج الطاقة فى الحالات الطارئة، مثل الطقس شديد القسوة، أو التغيرات الجيوسياسية غير المتوقعة -كما هو الحال فى الأزمة الروسية الأوكرانية فقد مثل استهلاك أوروبا من الطاقة المتجددة عام 2020 حوالى 28% من إجمالى استهلاك العالم، لكن أكثر من نصف تلك الطاقة تركز فى خمس دول فقط (ألمانيا، بريطانيا، إسبانيا، فرنسا، إيطاليا)، كما لا يخفى أن العناصر المعدنية والفلزية النادرة تشكل العمود الفقرى لصناعة الطاقة المتجددة.

وأضاف بن سبت أنه وعلى نفس الصعيد لم تخفِ أى جهة أن الأصوات المطالبة بخفض انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون قد أصبحت أقل حدة، إذ تم تعديل الأولويات حيث بات تأمين مصادر بديلة للنفط والغاز الروسى أكثر أهمية من موضوع البيئة ليس فى الوقت الراهن فحسب، بل على المدى الطويل حيث بدأت مساعى أوروبا فى بناء محطات لاستقبال الغاز الطبيعى المسال كبديل محتمل للغاز الروسى، وعادت بعض المحطات العاملة على الفحم الحجرى إلى العمل بعد أن تم إيقافها لأسباب بيئية بحتة.

حقول البترول المكتشفة

كما أكد على أنه وبالرغم من الاكتشافات التى تحققت مؤخراً فى بعض دول العالم، وعمليات التطوير الحديثة لبعض الحقول والتى تستقطب الاهتمام دوماً، إلا أن الحقول الناضجة تعتبر العمود الفقرى لتلبية الطلب على الطاقة، حيث تساهم فى أكثر من 66% من إنتاج النفط فى العالم، ولا يخفى دور الحقول الناضجة فى المنطقة العربية فى هذا المجال، والتى تحمل عبء تلبية الطلب المحلى المتنامى علاوة على تلبية جزء لا يستهان به من الطلب العالمى. ولما كان الهدف الرئيسى لعمليات الاستكشاف هو الوصول إلى أفضل المصادر المتوفرة، فمن نافل القول أن الصناعة البترولية وللحصول على أعلى مردود لاستثماراتها، تعتمد دوماً على التقنيات الحديثة لتجاوز عقبة “بيئة الأسعار المتذبذبة للنفط”، وعقبة “طول المدة اللازمة لتنفيذ المشاريع البترولية”.

لكن التقنيات الحديثة بحد ذاتها تمثل تحدياً لا يستهان به، إذ أن التغيرات التقنية تنمو بشكل متسارع مرتبطة إلى حد بعيد بالحوافز التى تدعم تطوير هذه التقنية. وتراجع الاستثمارات فى مجال الاستكشاف والإنتاج يعنى بوضوح احتمال تراجع الإمدادات البترولية، وتراجع السعات الإنتاجية، وهو ما سوف ينعكس على الأسعار والاقتصاد العالمى. وقد شهد العالم تراجع الاكتشافات فى عام 2021 وكيف أثر ذلك فى تراجع احتياطيات النفط والغاز فى العالم بنسبة 1% بين عامى 2020 و2021، بينما كانت التقديرات قد بينت أن احتياطيات العالم من النفط ارتفعت بنسبة 2.6% بين عامى 2019 و2020.

تراجع تطوير احتياطيات الحقول

وأكد على أن تراجع الاستثمارات يؤدى أيضاً إلى تراجع تطوير احتياطيات الحقول المعروفة، مما يعنى عدم القدرة على تعويض ما يتم إنتاجه منها، وهنا يجب التأكيد على أهمية عامل التكلفة إذ أن كمية النفط الإجمالية الموجودة فى باطن الأرض لا تهم بحد ذاتها بقدر أهمية الكميات القابلة للإنتاج بشكل اقتصادى، فوصول أسعار النفط إلى مستوى مقبول من المنتجين والمستهلكين يساهم فى زيادة الاستثمارات فى الاستكشاف والحفر وإنشاء البنى التحتية، بينما تنخفض الاحتياطيات القابلة للإنتاج مع انخفاض الأسعار أو مع ارتفاع تكلفة البرميل حيث يصبح بعضها خارج هامش المردود الاقتصادى.

وأضاف بأنه بشكل عام، وبالرغم من ارتفاع العديد من الأصوات فى السنوات الأخيرة تأييداً للانتقال أو التحول الطاقوى وما بعده من المراحل، إلا أن هذا التحول -فى حال نجاحه- يحتاج إلى فترة ليست بالقصيرة، مما يعنى أن النفط والغاز سوف يبقيان من أهم مصادر الطاقة فى العالم فى المدى المنظور، بل ويمكن التأكيد أن عصر “ما بعد النفط” هو مجرد تعبيرٍ فضفاض لأن العالم يتجه اليوم إلى استخدام مزيج من مصادر الطاقة قد ترتفع فيه حصة مصدرٍ ما على حساب مصدر آخر، لكنه بالتأكيد لن يتخلى عن النفط والغاز.

أسعار النفط عند مستويات معقولة

وفى الختام خلص بالقول إلى أنه من المتوقع ان تظل أسعار النفط عند مستويات معقولة تلقى القبول من قبل المنتجين والمستهلكين والمستثمرين على حد سواء، كما أن الأوضاع الحالية التى يمر بها العالم، تؤكد على الأهمية الاستراتيجية للدول الأعضاء فى منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول كصمام أمان لمنظومة الطاقة فى العالم، من ناحية موقعها بالنسبة للأسواق العالمية من جهة، ومن الجهة الأخرى كونها تمتلك 54.5% من إجمالى احتياطيات النفط العالمية، وتنتج أكثر من 27.5% من إجمالى ما ينتجه العالم من السوائل الهيدروكربونية، كما تمتلك 26% من احتياطيات العالم من الغاز الطبيعى، وتسوق ما يزيد على 15% من إجمالى الغاز المسوق فى العالم.

اظهر المزيد


زر الذهاب إلى الأعلى