إيمان هيل لـ«استثمار مصر»: فرص الاستثمار فى مصر أصبحت أكثر إنصافا
رئيس الاتحاد الدولي لمنتجي النفط والغاز: تحقيق أكثر من 295 اكتشافا من النفط والغاز الطبيعي.. وحقل ظُهر الأكبر على مستوى البلاد والبحر المتوسط
«الاتحاد» رابطة متخصصة تعزز نقاط القوة الخاصة بتحول الطاقة والسلامة والمهارات المستقبلية للقوى العاملة.. ويضم شركات دولية مثل “بي بي” و”شل” و”إيني أرامكو”
الحصول على التمويل للمشاريع الكبرى بات مسألة صعبة.. و850 مليون شخص فى أفريقيا يعيشون بدون كهرباء
تركيز مؤتمر «COP27» على دور القطاع الخاص فى تنفيذ المبادرات المناخية سيكون له نتائج عظيمة
أجرى الحوار- مجدى أبو الفتوح:
قالت إيمان هيل الرئيس التنفيذى للاتحاد الدولي لمنتجي النفط والغاز «IOGP»، إن الحكومة المصرية تعتزم تحقيق الاكتفاء الذاتي في منتجات البنزين والديزل بحلول عام 2023، مشيرة إلي أن هناك العديد المشاريع المحتملة التي يقودها القطاع الخاص فيما يتعلق بتطوير عملية تكرير وإنتاج البتروكيماويات والنفط في مصر.
وأوضحت هيل فى حوار مع «استثمار مصر» أن مصفاة مسطرد التابعة لشركة التكرير المصرية التي تم افتتاحها في سبتمبر 2020 برأس مال 4,3 مليار دولار، تعدُّ واحدة من أكبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مصر وأفريقيا، لافته إلي أن المصفاة تنتج نحو 4,7 مليون طن من مختلف أنواع المنتجات النفطية سنوياً.
ونوهت هيل بأنه في عام 2012 كان إنتاج مصر من الغاز الطبيعي يقل عن مستواه اليوم بنسبة 80%، وكانت محطات الطاقة تستهلك نحو 80% من الاحتياجات اليومية، لكن السياسات التشجيعية التي حفزت على استثمار الموارد الطبيعية المحلية أدت إلي تحول مصر لمُصدِّر للغاز الطبيعي المسال، إذ بلغت قيمة تلك الصادرات 1,24 مليار دولار أمريكي وهو ما يمثل زيادة سنوية تقارب 150%.
وأشارت الرئيس التنفيذى للاتحاد الدولي لمنتجي النفط والغاز «IOGP» إلي أن هذا التحول يرجع جزئياً إلى مشروع تحديث قطاع النفط الذي بدأ في عام 2016، حيث تم تنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية لمواكبة التقلبات العالمية والمحلية في قطاع النفط، وتحفيز القطاع الخاص في مجال الاستكشاف وتحقيق أكثر من 295 اكتشافاً من النفط والغاز الطبيعي بما في ذلك حقل ظُهر للغاز في مصر، وهو الأكبر على مستوى البلاد والبحر المتوسط.
وإلى نص الحوار:
– ما سبب اهتمامك حضور مؤتمر ومعرض مصر الدولى للبترول «ايجبس 2022»؟
حرصت على حضور مؤتمر إيجبس (EGYPS)، للتحدث حول ألواح الطاقة منذ بداية ظهورها، ومن أجل الحصول على فرصة التعرف على التطورات في مجال الطاقة بالمنطقة، في ظل توسع القطاع على المستوي التقني وكذلك القدرات البشرية، لاسيما ارتفاع نسبة تمثيل المرأة في القطاع بمصر ، حيث تشكل 30% من إجمالي العاملين بالقطاع، وهو معدل يعكس تقدماً حقيقياً خاصة عند مقارنة هذه النسبة بمثيلاتها في دول نامية أخرى حول العالم.
كما أنني بصفتي رئيس تنفيذي للاتحاد الدولي لمنتجي النفط والغاز (IOGP)، وهي رابطة متخصصة في مجال النفط والغاز، أحرص من خلال تواجدي في تلك الفاعلية توسيع قاعدة الاتحاد الدولي لمنتجي النفط والغاز،الذى يضم بالفعل شركات دولية مثل بي بي (bp) وشل (Shell)، وإيني أرامكو (Eni Aramco). لذا، أريد أن تستفيد كبار الجهات الفاعلة في المنطقة من الاتحاد بنفس الطريقة التي تستفيد بها الشركات الكبرى.
بالإضافة إلي أنني كمصرية، أشعر بالحماس والفخر على حد سواء خلال تواجدي في تلك المؤتمرات التى توثق تطور البلاد واستفادتها من كامل إمكاناتها.
– لديك خبرة كبيرة في مجال العمل في المنطقة، أخبريني عنها وما هي التطورات التي شهدتيها في قطاع النفط والغاز؟
نعم، لقد عملت هنا على مدار سنوات، كرئيسة لشركة شل مصر ورئيسة لشركة دانا غاز، وظللت أراقب التطورات في المنطقة من موقعي في لندن.
هناك العديد من التطورات خلال الفترة الأخيرة في قطاع النفط والغاز، سواء على صعيد مكانة مصر في السوق الإقليمي أو الفرص المتاحة للاستثمار في البلاد، فقد ظهرت مصر كمركز إقليمي للطاقة، كما أنها قادت مسيرة التعاون العابر للحدود وهو ما يظهر على سبيل المثال في منتدى غاز شرق المتوسط الذي يهدف إلى خفض تكاليف البنية التحتية وتأمين أسعار تنافسية للغاز الوارد من المنطقة.
أما على صعيد الفرص الاستثمارية، أصبح المستثمرين الأجانب يرون أن مناخ وفرص الاستثمار اليوم أكثر إنصافاً، وفي الوقت ذاته فإن الجهات الفاعلة الوطنية الناشئة تحظي بفرصة منافسة الشركات الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، وضعت الحكومة المصرية العديد من الخطط والمستهدفات الكبري في القطاع من أبرزها تحقيق الاكتفاء الذاتي في منتجات البنزين والديزل بحلول عام 2023، مما أتاح العديد من الفرص لمشاريع يقودها القطاع الخاص فيما يتعلق بتطوير عملية تكرير وإنتاج البتروكيماويات والنفط في مصر، فعلى سبيل المثال، تعدُّ مصفاة مسطرد التابعة لشركة التكرير المصرية التي تم افتتاحها في سبتمبر 2020 برأس مال 4,3 مليار دولار، واحدة من أكبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مصر وأفريقيا في مشروعات البنية التحتية في هذا المجال، والذي ينتج حوالي 4,7 مليون طن من مختلف أنواع المنتجات النفطية سنوياً. كما تساهم المصفاة في تحقيق زيادة في إنتاج الديزل والبنزين بنسبة 30% و15% على التوالي، مما يعزز القدرات الإنتاجية المحلية.
ومما لاشك فيه ان تلك الجهود تعكس طفرة كبيرة في القطاع إذا ما نظرنا إلي عدد من المؤشرات العامة قبل عدة سنوات، ففي عام 2012، كان إنتاج مصر من الغاز الطبيعي يقل عن مستواه اليوم بنسبة 80 %، وكانت محطات الطاقة تستهلك نحو 80 % من الاحتياجات اليومية، وبسبب انخفاض مستويات الطاقة، بدأت مصر في استيراد الغاز الطبيعي المسال في عام ،015. ثم، ابتداء من عام 2019، وبفضل السياسات التشجيعية التي حفزت على استثمار الموارد الطبيعية المحلية، تحولت مصر إلى مُصدِّر صافٍ للغاز الطبيعي المسال، وقد صدّرت ما قيمته 1,24 مليار دولار أمريكي من الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يمثل زيادة سنوية تقارب 150 %.
ويرجع هذا التحول جزئياً إلى مشروع تحديث قطاع النفط الذي بدأ في عام 2016، حيث تم تنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية لمواكبة التقلبات العالمية والمحلية في قطاع النفط، وتحفيز القطاع الخاص في مجال الاستكشاف، وتعزيز التحرير التدريجي للقطاع على المدى الطويل، وغير ذلك من الإجراءات لتشجيع الشراكات القوية بين القطاعين العام والخاص.
ونتيجة لذلك، تم تحقيق أكثر من 295 اكتشافاً من النفط والغاز الطبيعي، بما في ذلك حقل ظهر للغاز في مصر، وهو الأكبر على مستوى البلاد والبحر المتوسط.
– هل تتوقعين أن تلعب مصر دوراً عالميا أكبر في قطاع النفط والغاز؟ وما الذي يجب فعله لتحقيق ذلك؟
حققت مصر الكثير بالفعل كما ذكرت، ولكن بالإضافة إلى ذلك هناك حاجة إلى مواصلة التعاون في منتدى غاز شرق المتوسط بصفته إطارا للتعاون الفعال بين دول المنطقة لتعظيم العائد الاقتصادي من موارد الغاز الطبيعي وتصديره إلى أوروبا.
وتجدر الإشارة هنا إلي أن مصر تواصل الاستثمار في مشاريع البنية التحتية القائمة التي يمكن أن تخلق فرصاً جديدة، مثل إعادة تشغيل مصنع دمياط لتسييل الغاز الطبيعي وتصديره بعد توقف دام لمدة 8 سنوات، فضلا عن دعم توسعات الموانئ وخطوط أنابيب نقل النفط والغاز، وكذلك سنّ قوانين وتشريعات جديدة.
– خلال مؤتمر إيجبس 2022، تحدث وزير البترول المهندس طارق الملا عن حاجة القطاع إلى المزيد من التمويل لدعم تحول الطاقة، فما الذي يجب القيام به لتحقيق ذلك؟
من الإنصاف أن نذكر أن الحصول على التمويل أصبح أصعب بالنسبة للمشاريع الكبرى، وخاصة تلك التي تتعرض لمخاطر تتعلق بالبيئة والمجتمع والحوكمة (ESG)، فهذا هو سبب اكتساب الاستثمار في القطاعات المتعلقة بالبيئة والمجتمع والحوكمة لقدر أكبر من الأهمية، ولكننا بحاجة إلى تحقيق نقلة نوعية للدول النامية التي تأخرت سنوات عن تحقيق هذا التحول في مجال الطاقة، ويجب أن يكون مستوى التدقيق في المسائل المتعلقة بالبيئة والمجتمع والحوكمة مختلفاً، فعلى سبيل المثال وفقاً لوكالة الطاقة الدولية (IEA)، لم تتوافر الكهرباء لنحو 580 مليون شخص في إفريقيا، لذلك، تحتاج المنطقة إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للأشخاص مع التخفيف من آثار تغير المناخ، وسيتطلب ذلك الدعم من خلال التمويل الذي لا يعاقب الدول على تطوير الوقود الأحفوري.
– في نهاية هذا العام، ستستضيف مصر مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27)، ما النتائج المرجوة للقطاع في هذا الاجتماع؟
أعتقد أنه يجب أن يكون للقطاع حضورا قويا بالمؤتمر، وتعد استثمارات القطاع الخاص غاية في الأهمية إذا أردنا أن نؤسس بنية تحتية حديثة فعلياً، وأن ننشئ قاعدة للبنية التحتية من شأنها أن تتصدى بفعالية لاحتواء أزمة المناخ، فالقطاع الخاص هو وحده القادر على توليد وتوزيع رأس المال اللازم لتعويض الفجوة في تمويل البُنى التحتية ووضع الاستثمار فيها في إطار زمني سليم وطويل المدى ومستقل عن الدوائر السياسية.
وهناك احتياج شديد لرأس مال كبير لتطوير البُنى التحتية الملائمة للمناخ، إذ أن البدائل الخضراء هي حاليا أكثر تكلفة من النُهُج التقليدية، وينطبق ذلك حتما سواءً فيما يتعلق بمصادر الطاقة المتجددة التي تتطلب الاستثمار في وسائل التكنولوجيا الجديدة أو فيما يتعلق بتطوير أشكال جديدة لإنتاج الصلب أو الخرسانة أو الأسفلت التي ينبعث منه كميات أقل من الكربون وتستهلك كميات أقل من المياه وتتطلب مستويات أقل من النفط لتصنيعها.
لكنها ليست مسألة استثمار فحسب، فالقطاع الخاص يتسم بوتيرته السريعة ومرونته وقدرته على الابتكار السريع، ويتميز بخبرة متعمقة في مجال التكنولوجيا، وهي من العوامل الهامة للتغلب على مشكلات تغير المناخ. فالشبكات الذكية والمدن الذكية يعتمد تشغيلها على الذكاء الاصطناعي، كما أن التكنولوجيا التشغيلية ستجعل البُنى التحتية مثل خطوط الأنابيب، أكثر أمناً وستخفض من احتمالية إطلاق الانبعاثات التي يجب أن نحد منها إذا أردنا أن تظل دون 1.5 درجة.
وأود الإشارة هنا إلي أنه في ظل غياب دور قوي للأمم المتحدة، أو اجراءات حاسمة من جانب الحكومات الأوروبية والآسيوية، يتبع قطاع الطاقة نهج القطاع الخاص الذي يمكن تطبيقه عالمياً، حيث تستطيع الشركات «تصدير» ابتكاراتها بسهولة إلى المناطق الجغرافية الأخرى، لذا ينبغي أن تكون عملية تصدير هذه الحلول المبتكرة محوراً أساسياً للنقاش في أجندة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27).
وربما يعد تحويل تركيز المؤتمر إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في تنفيذ المبادرات المناخية في مختلف القطاعات من النتائج العظيمة لمؤتمر المناخ بشرم الشيخ.